Blog Images

مقاله الأستاذ الدكتور حيدر قاسم الموسوي عميد المعهد الطبي التقني المنصورفي جريده الموقف عن الدولة العميقة والدولةالمنسجمة والدوله الموازية الدولة العميقة والدولة المنسجمة والدولة الموازية .... من الممكن ان نعرف ( الدولة العميقة Deep state ) بانها مجموعة من التحالفات والشبكات التي لها اذرع متعددة والتي تمتد داخل جسد الوطن الواحد أفقياً وعموديا بدون ان يكون لها شكل او تنظيم محدد او معروف .... وبمعنى أخر ان الدولة العميقة كيان له اذرع يتحكم من خلالها بالدولة الشرعية القائمة وتشتمل هذه الاذرع على أعضاء من البرلمان والحكومة والسياسة ورجال الأعمال وضباط في قوى الأمن والجيش وكذلك تضم الفنانين والإعلاميين خاصة البارزين والمعروفين وذوي النفوذ والتأثير... كل هؤلاء يشكلون فيما بينهم شبكة قائمة على اساس المصالح المشتركة والمتبادلة. الشبكة التي تتكون منها الدولة العميقة تكون معقدة ومترابطة ترابطا خيطيا ولا يعرف معظم افرادها بعضهم البعض ولكنهم يعملون معا لهدف مشترك واحد وهو تنمية وحماية مصالحهم الشخصية بالمقام الاول والامتيازات التي حصلوا ويحصلون عليها والتي غالبا ماتكون طرق الحصول عليها مخالفة للقوانين والضوابط والتعليمات النافذة في ذلك البلد وحتى انها مخالفة للاعراف السائدة في المجتمع وكل ذلك يؤدي الى ان تكون الدولة العميقة (( دولة داخل الدولة )) او بمعنى ادق انها دولة فوق الدولة.. أن الدولة العميقة ليست تحالفًا واحدا او مجموعة واحدة ، بل إنها عبارة عن تحالفات ومجموعات متعددة تعمل مع بعضها البعض او في بعض الاحيان تعمل ضد بعضها البعض خلف الكواليس وكل من هذه المجموعات يسعى لتنفيذ الأجندة الخاصة بها وهي بذلك تناقض مفهوم ( الدولة المنسجمةHarmonious State ) وهي الدولة التي يسود فيها الاعتراف بحق الاختلاف واحترام اختيارات المواطنين في الدولة الواحدة في شكل القيادة التي تقودهم والسياسة التي تنتهجها الدولة وكذلك نظام الحكم الذي يرومون، والدولة المنسجمة يتم حل الخلافات فيها وفق القانون لا بقوة السلاح إضافة إلى أن الشرعية هي شكل من أشكال القوة لأنها تكسب المجتمع تلاحما ومناعة ضد أعداء الوطن الواحد والدولة المنسجمة. لقد تم استخدام مصطلح (الدولة العميقة) في الدول التي تُعاني من إنقسامات وإختلافات في توجهات وآيدلوجيات مكونات تلك الدول ويمكن القول ان مصطلح الدولة العميقة (derin devlet) استخدم لاول مرة كمصطلح سياسي في تركيا ليصف ما تم ذكره في التعريف الذي تم ذكره في بداية مقالنا هذا وكانت الدولة العميقة يرمز لها في السياسة التركية ب (الذئب الأغبر) وهو يعبر عن القومية التركية كما تقول بعض الأساطير التركية ولكن بعض المؤرخين السياسيين الأتراك يرجعون استخدام مصطلح (الدولة العميقة) إلى الجمعية السرية التي أنشأها السلطان سليم الثالث 1761-1808 ككيان وتنظيم لحمايته بعد محاولة الإغتيال التي تعرض لها وهو عائد من حربه مع روسيا والنمسا كما ان بعض المؤرخين كذلك يرجع اصول الدولة العميقة إلى تاريخ اقرب من هذا ويدعون ان بداية تكون الدولة العميقة كان مع جمعية الاتحاد والترقي التي كانت تعمل على إلغاء الامبراطورية العثمانية وإنشاء الجمهورية التركية من قبل كمال مصطفى اتاتورك وبعض المؤرخين يرجعون نشأة الدولة العميقة للعصر المملوكي بل ربما قبله اي مع بدايات العصر الأيوبي الذي شهد سيطرة العنصر التركي والشركسي على الجيوش الأيوبية ومما استتبعه من تركز رؤوس الأموال والإقطاعات الواسعة بأيدي امراء المماليك وقادتهم ولو افترضنا صحة بداية الدولة العميقة كانت في العصر المملوكي فإن مصر وتركيا كلاهما متشابهتان حيث ان نظام المماليك في مصر قريب لحد كبير من النظام الإنكشاري التركي من حيث طريقة التربية والنشأة والإمتيازات وغيرها. محاور الدولة العميقة: للدولة العميقة ستة محاور أو أذرع أساسية: الذراع السياسي والذراع المالي والذراع التشريعي و الذراع القضائي و الذراع الاعلامي و الذراع التنفيذي او الأمني. كل ذراع من هذه الأذرع يتحرك في اتجاه معين ولكنه في النهاية يصب في مصلحة كيان الدولة العميقة بشكل او بآخر والملاحظ ان جميع هذه الأذرع تتحرك بتناغم شديد يدل على وجود رأس او مسيطر مركزي يتحكم بها جميعا لضمان عدم حصول الاختلاف والتصادم مع بعضها البعض مما قد يضر او يؤثر بالمصالح العليا لكيان الدولة العميقة وتعمل هذه الاذرع مجتمعة على ازالة كل ما يهدد مصالح كيان الدولة العميقة كما ان محاور او اذرع كيان الدولة العميقة يعمل لتاسيس وترسيخ مفهوم ( دولة الظل ) اي بمعنى أخر خلق مايعرف (كيان دولة داخل الدولة الشرعية) وبالتالي توظيف وسائل العنف والضغط بطرق خفية للتأثيرعلى النخب السياسية والاحزاب والمؤسسات الاقتصادية والإجتماعية في البلاد وحتى المؤسسات الدينية المتنفذة لضمان تحقيق مصالح معينة ضمن إطار ديمقراطي (ظاهرا) تمارسه بعض القوى السياسية المنطوية تحت خيمة (كيان الدولة العميقة). للدولة العميقة وجهان الاول معلن وظاهر ويتمثل في شخصيات ورجال دولة يتبؤون مواقع ومناصب سياسية ونخبوية متقدمة وشخصيات في مؤسسات الدولة المختلفة في الجيش والنقابات والمؤسسات الصحفية والإعلامية وايضا نجوم الفن والرياضة والوجه الآخرفهو وجه خفي وغير معلن وهو مسؤول عن تحريك اذرع الدولة العميقة المعنية والمتغلغلة في مؤسسات الدولة الاساسية لتنفيذ المخططات المرسومة بأياد خفية تعمل بشكل متناغم ومسيطر عليه. الدولة الموازية: تعرف (الدولة الموازية Parallel state ) ايضا بانها الكيان الموازي و مصطلح الدولة الموازية تمت صياغته بواسطة المؤرخ الأمريكي روبرت باكستون لوصف مجموعة من المنظمات أو المؤسسات التي تُشبه في هيكلها وتنظيمها وإدارتها كيان الدُول، ولكنها لا تعتبر جزءاً رسمياً من الدولة الشرعية أو الحُكومة، وتعمل في المقام الأول على تعزيز الأيديولوجية السياسية والاجتماعية السائدة في الدولة وخير ما ينطبق عليه هذا التعريف هي حكومة الظل البريطانية في المملكة المتحدة. بعض الدول تطلق مصطلح الدولة الموازية على التنظيمات والتحالفات التي تعتبرها معارضة لها كما يطلق المسؤلون في بعض الدول وصف (الدولة الموازية) على التنظيمات السرية التي تتهمها الحكومة بأنها تسعى إلى تقويض كيان الدولة الشرعية والحكومة القائمة مع العرض ان معظم هذه التنظيمات كانت قد نشأت وانبثقت من نفس الرحم الذي انبثقت منه الحكومة الحاكمة وفي بعض الاحيان قد ينبثقان من حزب واحد.